حينما يصبح الملوّث للبيئة مطلوبًا للعدالة

عندما أرادت الشركة العُمانية القابضة لخدمات البيئة (بيئة) إطلاق حملة مجتمعية ضد الرمي العشوائي للنفايات كجزء من مسؤوليتها الاجتماعية كانت تُدرك أن الحملات التقليدية القائمة على توجيه النصائح أو التوعية المباشرة لم تعد تُؤتي أُكلها ولا تُحقق النتائج المرجوّة؛ لذلك قررت كسر النمط التقليدي وإطلاق حملة أكثر قسوة وحديّة تجاه المخالفين للقوانين البيئية كما رغبت من خلال حملتها إلى الدفع باتجاه فرض الغرامات البيئية للمخالفين.

هنا جاء دور العلامة للتسويق التي استعانت بها “بيئة” للإشراف وتنفيذ الحملة، حيث قامت العلامة – بعد الانتهاء من الموجز الإبداعي والاتفاق على أهداف الحملة- بالبحث في أفضل الحملات المحلية والعالمية المشابهة بالإضافة لقراءة العشرات من الدراسات العالمية والكتب المتخصصة في تحليل وتفسير سلوك من يقومون بالرمي العشوائي للنفايات أو إيذاء البيئة بشكل عام، حيث اطلّع فريق العلامة على العديد من النظريات كالنافذة المكسورة، وتأثير القطيع، وأهمية التعهد المكتوب، والمشاعر المثيرة لبعض التصرفات، وذلك للاستفادة منها في تطبيقات الحملة.  

ركزت أهداف الحملة بشكل أساسي على إيجاد مجتمع من الجمهور نفسه يقوم بالإبلاغ عن أي مخالف للبيئة عبر الوسم المقترح #مطلوب_للعدالة، عبر شخصنة الملوث للبيئة وجعله في زاوية تشعره بعدم الانتماء للمجتمع، بالإضافة للتوعية بكمية الضرر الملحق بالبيئة نتيجة لتصرفات غير مسؤولة من قبل الناس.

بعد عملية البحث المكثفة والنقاشات المطولة تم اختيار توجه #مطلوب_للعدالة الذي يركز على شخصنة الملوثين للبيئة، وإظهارهم كخارجين عن القانون ومطلوبين للعدالة لارتكابهم مخالفة رمي النفايات. وقد جاء اختيار هذا التوجه غير المُعتاد في السلطنة للقسوة والحدة التي يحملها استلهامًا من فكرة أن   “الغضب يدفع الناس لتبني قضية ما والتصرف تجاهها أكثر من الحزن” بحسب الدراسات التي اطلّعت عليها العلامة. حيث هدفت الحملة إلى تحفيز شعور الجمهور بالغضب من المخالفين للبيئة وبالتالي دفعهم للتصرف تجاه المواقف المضرة بالبيئة التي يشاهدونها كل يوم سواءً من خلال الإبلاغ عنها أو الطلب من الملوثين التوقف عن تصرفاتهم.

ولأننا رغبنا في أن يكون الحراك مجتمعيًا فلم تكن بداية الحملة من حسابات “بيئة” نفسها؛ بل تم التعاون مع عدد من المصورين العمانيين المهتمين بتصوير الأماكن السياحية لإطلاق وسم #مطلوب للعدالة. حيث بدأت كرة الثلج في مارس 2019 من خلال إبداء استيائهم للوقت والجهد الذي يبذلونه للتخلص من النفايات التي تظهر في صور الأماكن السياحية عبر برامج تحرير الصور في أنه من المفترض أن لا تكون هذه النفايات موجودة من الأساس، مطالبين الزوار بالالتزام بالتخلص من نفاياتهم بالشكل الصحيح والجهات المعنية بتفعيل القوانين البيئية وفرض المخالفات على غير الملتزمين.

وقد انتشر وسم #مطلوب_للعدالة واكتسب نشاطاً وتفاعلاً واسعاً من قبل الجمهور العام ما جعله يصل لأعلى قائمة الوسوم الفعالة في السلطنة ليومين متتاليين، وقد شارك فيه العديد من المصورين والمهتمين بالبيئة والمؤثرين في الشبكات الاجتماعية وعموم الجمهور المستائين من الإضرار بالبيئة، كما حظي الوسم بتغطية إعلامية من قبل العديد من الإذاعات والصحف المحلية.

بعد ذلك تبنت شركة “بيئة” #مطلوب_للعدالة من خلال الفلم الرئيسي للحملة والإعلانات المصاحبة في الشوارع ودور السينما والمنشورات والإعلانات في مختلف الشبكات الاجتماعية، كما صاحب الحملة العديد من الفعاليات على الأرض في مختلف محافظات السلطنة التي ركزّت على تنظيف الأماكن السياحية وتوعية الجمهور حول الحملة، كما نظمت فعالية تعريفية بالحملة جمعت عدداً من المؤثرين والإعلاميين وأصحاب القرار من المؤسسات كشرطة عمان السلطانية، وزارة البيئة، جمعية البيئة وغيرها، وذلك لعرض ومناقشة الحملة والاستفادة من التغذية الراجعة من الحضور وتشجيعهم على تفعيل الحملة كلٌ بطريقته الخاصة.

ساهمت العلامة في الحملة في اختيار التوجه وصناعة محتوى الشبكات الاجتماعية وإدارة الإعلانات والمساعدة في التنسيق مع شركاء الحملة من المصورين والمؤثرين ومع الجهات الإعلامية، كما قدمت الاستشارات فيما يخص الفيديو الرئيسي للحملة والإعلان الإذاعي وإعلانات الشوارع.

أثبتت حملة #مطلوب_للعدالة أن التفكير خارج الصندوق يؤدي النتائج المرجوّة، حيث لا زال الوسم يُستخدم لليوم من قبل الجمهور عند الإبلاغ عن المخالفات البيئية، كما فازت الحملة بالمركز الأول بجائزة المنظمة العالمية للنفايات الصلبة لعام ٢٠١٩م.

تم تصميم هذه الجائزة لتسليط الضوء على الحملات التسويقية التي تزيد من الوعي في مجال النفايات وتشجيع الإدارة المستدامة للنفايات والموارد، والتي تقام سنوياً ضمن جوائز ISWA لتكريم الجهود الإبداعية في ثلاثة فئات مختلفة: النشر، الفيديو، والاتصالات. الجدير بالذكر بأن كلاً من هذه الجوائز معترف بها في المؤتمر السنوي العالمي ISWA.

وقد أقامت العلامة جلسة نقاشية حول حملة “مطلوب للعدالة” كأحد جلسات نقاشات العلامة بعنوان “كيف تتحول حملة إعلانية إلى موجة اجتماعية” في 10 نوفمبر 2020، تمت فيها استضافة عصام الشرجي رئيس دائرة شؤون الشركة بشركة بيئة، والدكتورة مروة الهنائية أستاذ مساعد في قسم التسويق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس، ونهال اللواتي مديرة مجتمعات رقمية بالعلامة للتسويق.

ناقشت الجلسة دوافع شركة بيئة لإطلاق حملات إعلانية فيما يخص الحفاظ على البيئة والتخلص من القمامة، وأسباب إطلاقهم لحملة مطلوب للعدالة التي تعود إلى عام 2011 بعد انتشار واسع لصور أحد المناطق السياحية ملوثة بشكل عشوائي من قبل السياح. ناقشت الجلسة أيضاً أسباب اختيار عنوان حاد وصادم للحملة مثل “مطلوب للعدالة”، وكيفية تحويل حملة إعلانية إلى موجة مجتمعية يمسك المجتمع بزمامها وليس المؤسسات المسؤولة. وفيما يخص الجانب السلوكي من الحملة، تطرقت الدكتورة مروة إلى أسباب انتشار بعض الحملات التسويقية اجتماعياً دون غيرها، وكيف يمكن لحملة أن تغيّر من سلوك الناس فعلياً وما يجب على المؤسسات فعله في حملاتها التسويقية لتغيير سلوك الجمهور.

لمشاهدة الجلسة كاملة يمكنك زيارة قناتنا على اليوتيوب:

التصنيفات

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

العلامة للتسويق ، شارع البركات ، مبنى أكتوبر ، الطابق الأول ، مكتب 107

info[at]alamah(dot)om

كيف تتصل بنا


العلامة . كل الحقوق محفوظة © 2023
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x